غزة – مكتبة دار الأرقم: حين يُقصف العلم وتُدفن الذاكرة تحت الركام
- Marwa Elkhayal
- 4 lug
- Tempo di lettura: 2 min

روبرتو روجيرو
في ركنٍ من أركان مدينة غزة التي أكلتها الحرب، كانت تقف مكتبة “دار الأرقم” المدرسية شاهدة على سنوات من البذل والمعرفة. لم تكن مجرد قاعة تضم آلاف الكتب، بل كانت بمثابة منارة تربوية وثقافية غرست بذور العلم في عقول أجيال من الطلاب والباحثين، وحاضنة لأحلامهم في مستقبل أفضل.هذه المكتبة، التي كانت من أكبر المكتبات المدرسية في القطاع، جمعت بين الكتاب الورقي والرقمي، واحتوت مختبرات حاسوب حديثة، ووفّرت أدوات تعليمية دعمت مسيرة التعليم لعقود. أما اليوم، فقد سُويت بالأرض بفعل القصف الإسرائيلي، في واحدة من أبشع حلقات استهداف التعليم في غزة، ضمن سياسة ممنهجة طالت المدارس والبنية التحتية الثقافية.وقف الداعية والباحث الفلسطيني محمد زمارة بين الأنقاض، يشير بمرارة إلى ما تبقى من رفوف كتب محطمة وأجهزة حاسوب محروقة، قائلاً:
“نحن الآن في مدرسة دار الأرقم، المدرسة التي تخرج منها علماء وأساتذة. كانت مكتبتها تضم آلاف الكتب في مختلف التخصصات، وكانت قبلة للطلاب والباحثين. الاحتلال لم يدمر حجارة فقط، بل تعمّد محو ذاكرة أمة بأكملها.”
وأضاف:“كما دمّروا مكتبات الجامعات التي ضمت أكثر من مليون كتاب في الهندسة، والدراسات الإسلامية، واللغات، وغيرها، ها هم اليوم يحاولون اغتيال المعرفة من جذورها. ما يحدث ليس مجرد استهداف عسكري، بل محاولة مدروسة لخلق جيل بلا وعي، بلا ذاكرة، جاهل بتاريخه وحقه في الحياة.”
وبحسب بيانات أولية صادرة عن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فإن أكثر من 300 مدرسة تعرّضت للتدمير الكلي أو الجزئي منذ بداية الحرب، وقد كانت العديد منها تضم مكتبات تخدم آلاف الطلاب. لم تكتف آلة الحرب الإسرائيلية بقصف الحجر والبشر، بل استهدفت النازحين داخل المدارس، ولم ترحم الكتب، وكأنها تخشى الكلمة أكثر من السلاح.
مكتبة دار الأرقم، التي كانت جزءاً من مؤسسة تعليمية إسلامية عريقة، لم تعد كما كانت. لكن رغم الدمار، ما زال في غزة صوت يعلو من بين الركام:“لن نُهزم، ما دام القلم في أيدينا، والكتب في ذاكرتنا.”
لقد دُمّرت الجدران، وسُرقت السطور من بين الأيدي، لكن الذاكرة لا تُقصف. وستظل غزة، رغم كل شيء، تقرأ.
Comments