top of page

الرؤية الوطنية لسوريا الجديدة: الإنسان أولًا والوطن للجميع

  • 7 ore fa
  • Tempo di lettura: 2 min
ree

✍️ وائل المولى – كاتب وصحافي

تدخل سوريا اليوم مرحلةً مفصلية في تاريخها المعاصر بعد سنواتٍ من الحرب والانقسام، حيث تلوح أمام شعبها فرصة نادرة لبناء دولةٍ حديثةٍ جامعة، تُعيد الثقة بين المكوّنات، وتفتح الباب أمام مصالحةٍ وطنيةٍ تُنهي جراح الماضي وتؤسس لنهضةٍ تشاركيةٍ تتسع للجميع.يرى الكثير من السوريين بان المهمة الأولى أمام القيادة الانتقالية تتمثل في صياغة عقدٍ اجتماعيٍ جديد يقوم على المواطنة والعدالة والمساواة، ويمنح كل سوري شعور الشراكة والانتماء. فالإصلاح الحقيقي لا يعني استبدال سلطةٍ بأخرى، بل إعادة الاعتبار للإنسان وحقوقه وكرامته باعتباره محور التنمية وركيزة الاستقرار.سوريا المستقبل دولةٌ مدنيةٌ لامركزية، توازن بين وحدة القرار الوطني واستقلالية الإدارة المحلية، وتمنح المجتمعات صلاحياتٍ أوسع لإدارة شؤونها، بما يحقق عدالةً في توزيع السلطةوالمسؤولية. فاللامركزية ليست تقسيمًا للوطن، بل توسيعٌ لمساحته الإنسانية والسياسية عبر المشاركة الفاعلة لكل مكوّناته.وفي الجانب الأمني، لا استقرار بلا جيشٍ وطنيٍ موحدٍ وشرطةٍ مهنيةٍ تعملان تحت مظلة القانون. جيشٌ يحمي حدود البلاد لا مصالح الأفراد، وشرطةٌ في خدمة المواطن، تكرّس الأمن كقيمةٍ إنسانيةٍ لا أداة قمع.المصالحة الوطنية تبقى الطريق الأوحد لتثبيت السلم الأهلي، ويقتضي ذلك حوارًا وطنيًا جامعًا يضمّ جميع المكوّنات السورية — عربًا وكردًا، دروزًا وعلويين، مسلمين ومسيحيين — على أساس العدالة والمواطنة وحقّ العودة لكل من هُجّر أو أُقصي.وأغلب السوريين اليوم يتطلعون إلى هذا النموذج من الدولة، دولةٍ يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، تحكمها مؤسسات عادلة وقضاء نزيه، ويكون الانتماء فيها للوطن لا للطائفة أو الحزب. فالسوريون، بعد كل ما عاشوه، لم يعودوا يبحثون عن شعارات بقدر ما يتطلعون إلى واقعٍ آمنٍ كريمٍ ومستقبلٍ يليق بتضحياتهم.اقتصاديًا، تحتاج سوريا الجديدة إلى تبنّي نموذجٍ من الاقتصاد المفتوح القائم على الحرية والمنافسة المشروعة وجذب الاستثمارات، مع ضمان العدالة الاجتماعية وحقوق العاملين. كما أنّ حرية الإعلام تمثّل أحد أعمدة الدولة الحديثة، فهي المرآة التي تعكس هموم المواطن وتراقب أداء المؤسسات وتكرّس الشفافية والمساءلة.وفي الإطار العام، لا قيام لوطنٍ مستقر دون دولة قانونٍ يُحترم فيها الدستور من الجميع، ويخضع فيها الحاكم والمحكوم لسلطة القضاء، بحيث تكون العدالة فوق الجميع ولا يستثنى منها أحد.إقليميًا، تسعى سوريا إلى إعادة بناء جسور التعاون مع الدول العربية ، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية كشريكٍ رئيسي في الإعمار وتحريك الاقتصاد، ومع تركيا عبر صفحةٍ جديدة من حسن الجوار والتعاون الأمني والاقتصادي، تقوم على احترام الخصوصيات السورية والاعتراف بالمكوّن الكردي جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني. كما تبرز الإمارات والأردن ومصر كركائز دعمٍ لاستقرار الإقليم.أما دوليًا، فالرؤية تقوم على شراكاتٍ متوازنة: تعاونٍ تنمويٍ مع الصين، دعمٍ مؤسسيٍ من روسيا، إسهامٍ أمريكيٍ وأوربي في التحول الديمقراطي، وعلاقةٍ اقتصاديةٍ وثقافيةٍ متكافئةٍ مع إيران تقوم على المصالح لا التبعية.قد يكون الشعب السوري أمام فرصة تاريخية لبناء دولة تحترم الإنسان وتحقق العدالة والمساواة. لكن السؤال يلوح في الأفق هل سيشهد السوريون يومًا تحقق حلمهم بهذه الدولة، أم سيظل الحلم معلقًا بين الأمل والواقع الصعب .

Commenti


bottom of page