top of page

ايطاليا : هدر المياه من خدمة *عامة* الى مصدر توتر اجتماعي واقتصادي

  • 13 ore fa
  • Tempo di lettura: 1 min
ree

مروة الخيال

في إيطاليا، لا يضيع الماء فقط في الأنابيب المتآكلة، بل يتسرّب معه جزء من مفهوم الإدارة العامة. أزمة البنية التحتية للمياه لم تعد خللًا تقنيًا يمكن تأجيله، بل تحوّلت إلى مرآة تعكس سنوات طويلة من الإهمال وتآكل الرؤية الاستراتيجية.تشير التقديرات إلى أن البلاد تحتاج إلى 30 مليار يورو خلال العقد المقبل فقط لوقف النزيف، في وقت تفقد فيه الشبكات نحو 42% من المياه قبل أن تصل إلى المنازل. أي أن ما يقارب 150 لترًا يوميًا لكل فرد يتبخر في الأرض، في مفارقة قاسية داخل دولة صناعية متقدمة، تعاني في الوقت نفسه من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.اللافت أن هذا الهدر لا يميّز بين شمال وجنوب، ولا بين مدينة كبرى وقرية نائية. شبكات شُيّدت قبل أكثر من خمسين عامًا، صُمّمت لعالم مختلف، وعدد سكان أقل، وضغط مناخي لم يكن متوقعًا. اليوم، تقف عاجزة أمام واقع جديد، فيما تُدار الأزمة بالحلول المؤقتة بدل القرارات الجذرية.لكن المشكلة أوسع من إيطاليا وحدها. فالقارة الأوروبية بأكملها تقف أمام اختبار مشابه، إذ تحتاج شبكات المياه في دول الاتحاد إلى استثمارات تُقدَّر بنحو 1.7 تريليون يورو، ما يكشف عن أزمة بنيوية مؤجلة، طالما أُخفيت خلف استقرار ظاهري.الخبراء يحذّرون من أن الاستمرار في سياسة الترقيع سيحوّل الماء من خدمة عامة إلى مصدر توتر اجتماعي واقتصادي، مع ارتفاع التكاليف، وتراجع الجودة، وتهديد الأمن المائي. فالماء، حين يُهدر، لا يضيع وحده، بل يُضعف الثقة ويثقل كاهل الأجيال القادمة.في النهاية، الاستثمار في شبكات المياه ليس بندًا تقنيًا في الموازنات، بل خيار سيادي يحدّد شكل الدولة في مواجهة التغير المناخي، وقدرتها على حماية أحد أبسط حقوق مواطنيها: الوصول إلى الماء.

Commenti


bottom of page