السودان كنز إفريقيا بين الحرب والأمل
- 31 ott
- Tempo di lettura: 2 min
Aggiornamento: 1 nov

طلال خريس
يعيش السودان اليوم واحدة من أكثر مراحله التاريخية تعقيدًا، إذ تتقاطع في أرضه الثروات والدماء، الإمكانات الهائلة والأزمات الخانقة، الأمل بالمستقبل والخوف من المجهول.بلدٌ يمتد على مساحات شاسعة من السهول والأنهار والصحارى الخصبة، يملك كل مقومات النهضة الاقتصادية، لكنه ما يزال عالقًا في دوامة من الصراع والدمار.
بلد الإمكانات المهدورة
من يعرف السودان يدرك أنه ليس بلدًا فقيرًا، بل بلد غني يعيش الفقر.تربته من أخصب أراضي إفريقيا، ومياهه من أغزر أنهارها، وموارده الطبيعية لا تُحصى.فهو يمتلك أكثر من 200 مليون فدان صالحة للزراعة، منها أقل من الثلث فقط مستغل، ويُعد من أكبر منتجي الصمغ العربي في العالم كما تتجاوز الثروة الحيوانية فيه 100 مليون رأس من الماشية والإبل، وهي مورد ضخم للغذاء والتصدير.ولا تقف ثرواته عند هذا الحد؛ فالسودان يزخر بالذهب والمعادن النادرة والنفط، فضلًا عن موقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر الذي يجعله بوابة بين إفريقيا والعالم العربي.إنه ببساطة “سلة غذاء إفريقيا” إذا ما أُحسن استثمار موارده.
حرب تلتهم الدولة
لكن منذ نيسان/أبريل 2023، انقلب المشهد رأسًا على عقب.فقد اندلع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فتحوّل السودان إلى ساحة حرب مفتوحة لا غالب فيها ولا مغلوب.الخرطوم، التي كانت قلب البلاد النابض، تحولت إلى مدينة أشباح، فيما نزح الملايين من بيوتهم بحثًا عن الأمان والغذاء.وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أكثر من 8 ملايين نازح داخل البلاد وخارجها، يعيش معظمهم على المساعدات الإنسانية.انهارت الخدمات الصحية، توقفت المدارس، تراجعت قيمة الجنيه السوداني، وانتشرت المجاعة في مناطق واسعة من دارفور وكردفان والخرطوم.
شعب يواجه العاصفة
ورغم قسوة الحرب، بقي الشعب السوداني صامدًا، متمسكًا بأمل السلام.في الأسواق الشعبية ترى الناس يتقاسمون القليل مما لديهم، وفي القرى يمتد التعاون بين الجيران لإطعام الأطفال أو إسعاف الجرحى.إنها قوة المجتمع السوداني التي لا تنكسر رغم الألم، قوة تنبع من تاريخه الطويل في مواجهة الاستعمار والمجاعات والنزاعات.
كيف يمكن إنقاذ السودان؟
إنقاذ السودان لا يقتصر على إنهاء الحرب، بل يتطلب إعادة بناء الدولة على أسس جديدة من العدالة والمواطنة والتنمية.
ومن أبرز الخطوات العاجلة المقترحة:
1. إيقاف إطلاق النار فورًا وفتح ممرات إنسانية آمنة لوصول المساعدات إلى المدنيين.
2. إطلاق حوار وطني شامل يضم الجيش والدعم السريع والقوى المدنية والقبلية، برعاية عربية وإفريقية مشتركة.
3. تأسيس صندوق عربي – إفريقي لإعادة إعمار السودان تموّله الدول القادرة، ويستثمر في الأراضي الزراعية والثروات الطبيعية.
4. تشجيع المشاريع الزراعية المشتركة التي تربط السودان بمصر وإثيوبيا ودول الخليج لتأمين الغذاء العربي والإفريقي.
5. تمكين المغتربين السودانيين من المساهمة في إعادة البناء عبر تحويلاتهم واستثماراتهم وخبراتهم.
السودان يستحق الحياة
السودان ليس أرض حرب فقط، بل أرض أمل.بلدٌ إذا استعاد استقراره، يمكن أن يتحوّل إلى قوة اقتصادية إقليمية ومركز زراعي وغذائي لإفريقيا والعالم العربي.لكن هذا لن يتحقق إلا بتكاتف الجميع — السودانيين أولًا، ثم الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم.
لقد علّمنا التاريخ أن السودان لا يموت، بل ينهض دائمًا من الرماد كما نهض بعد أزمات سابقة.يبقى فقط أن تمتد إليه أيادٍ صادقة تضع مصلحة الإنسان فوق كل حساب، وتؤمن بأن في هذا البلد الجريح قلبًا نابضًا بالحياة يستحق أن يُنقذ







Commenti