الشرع في موسكو… دبلوماسية على حافة التوازنات الكبرى
- 23 ore fa
- Tempo di lettura: 2 min

✍️ وائل المولى
كاتب وصحافي
في توقيت بالغ الحساسية من التحولات الإقليمية والداخلية، قام رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع بزيارة رسمية إلى موسكو، حملت في طياتها أبعادًا تتجاوز العلاقات الثنائية، لتلامس عمق التفاهمات الدولية حول مستقبل سوريا واستقرار شرق المتوسط.
زيارة ما بعد التحوّل
جاءت الزيارة في لحظة انتقالية تشهدها البلاد، وسط حديث دولي متزايد عن ضرورة تنفيذ حزمة من الإصلاحات السياسية والإدارية تشمل إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتنظيم الجيش وعودة بعض الضباط، تمهيدًا لتشكيل حكومة وحدة وطنية موسّعة تقوم على اللامركزية الإدارية بوصفها الشكل الجديد للدولة.الشرع كان قد لمح إلى هذه المرحلة واصفًا إياها بأنها “إعادة بناء الدولة على أسس حديثة وشاملة”، في إشارة إلى الانتقال من “دولة مراكز القوى” إلى دولة المؤسسات.ومن الواضح أن دمشق تسعى عبر هذه الزيارة إلى إعادة صياغة علاقتها مع موسكو على قاعدة التكافؤ لا التبعية، في ظل متغيرات متسارعة في الإقليم وموازين القوى.
تركيا ومناخ الزيارة
التحركات التركية شكّلت خلفية أساسية للزيارة. فأنقرة عملت منذ أسابيع على تهيئة المناخ السياسي والإقليمي لإنجاحها، في محاولة لكبح التمدد الإسرائيلي شمالًا وجنوبًا وفي البحر، ولفضّ الاشتباك التركي–الإسرائيلي الذي شهد مؤخرًا تراجعًا بفعل التفاعل الروسي–الإسرائيلي المتزايد.وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن هذا التنسيق جرى بمباركة أميركية غير مباشرة، بعد تسلّم الأدميرال براد كوبر الإشراف على الملف السوري ضمن ترتيبات القيادة المركزية الأميركية لإعادة هيكلة المشهد الإقليمي بما يضمن استقرار سوريا ويمنع أي توترات مفاجئة.
موسكو… محور التهدئة وضبط الإيقاع
في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس، ناقش الشرع ملفات متعددة، أبرزها:
• تنظيم الوجود العسكري الروسي في الساحل السوري وتحديد حدوده القانونية والسياسية.
• مراقبة تحركات رموز النظام السابق المقيمين في موسكو.
• تنسيق المواقف في الملفات الحساسة مثل القضية الكردية وشرق الفرات والجنوب السوري.
• توسيع التعاون الاقتصادي، ولا سيما في مجالات النفط والغاز في البحر المتوسط، في إطار علاقة جديدة أكثر استقلالية وتعددية في الشركاء.

رسائل الزيارة الإقليمية
حملت الزيارة رسائل سياسية واضحة لعدة أطراف:
1. إلى موسكو: تمسك دمشق بالشراكة الاستراتيجية، مع رغبة في علاقة متوازنة تحفظ السيادة والمصالح المشتركة.
2. إلى واشنطن وأنقرة: استعداد سوريا الجديدة للانخراط في تفاهمات إقليمية تضمن الاستقرار وتنهي منطق الصراع بالوكالة.
3. إلى الداخل السوري: تأكيد أن الإصلاح بدأ فعليًا، وأن الدولة تتجه نحو نموذج أكثر شمولًا وواقعية.
النتائج الأولية والتقديرات
تشير المعطيات الأولية إلى أن الزيارة حققت نتائج ملموسة، من أبرزها:
• استمرار الوجود الروسي ضمن إطار قانوني متفق عليه.
• تشكيل لجنة سورية–روسية لمتابعة الملفات الاقتصادية والسياسية.
• تفاهم أولي حول تنسيق المواقف في الملف الكردي وشرق الفرات والجنوب.
• دعم روسي واضح لمسار الإصلاحات وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
ختامًا
يمكن القول إن زيارة أحمد الشرع إلى موسكو مثّلت محطة مفصلية في مسار العلاقات السورية–الروسية، وخطوة أساسية لترسيخ موقع دمشق في خريطة التوازنات الجديدة.فهي زيارة جاءت في إطار تنسيق تركي–روسي–أميركي غير معلن، لتؤكد أن المرحلة المقبلة، إذا ما استُكملت الإصلاحات، ستكون مرحلة إدارة استقرار لا إدارة صراع .
Commenti