العلاقات الإيطالية – السعودية: شراكة استراتيجية لعصر جديد
- 27 set
- Tempo di lettura: 2 min

د. طلال خريس
تشهد العلاقات بين إيطاليا والمملكة العربية السعودية طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة، مع تزايد الزيارات الرسمية وتوقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تعكس رغبة مشتركة في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
المملكة تمثل اليوم مركز ثقل اقتصادي إقليمي، خصوصاً في مجال الطاقة التقليدية والمتجددة، بينما تُعد إيطاليا بوابة طبيعية للمنطقة الأوروبية ومركزاً صناعياً وتكنولوجياً متقدماً. هذا التلاقي يفتح آفاقاً رحبة أمام الطرفين لتطوير تعاون متوازن وفعّال في مختلف القطاعات.
الطاقة: حجر الزاوية
يبرز قطاع الطاقة كأولوية قصوى، حيث تعمل الرياض على قيادة التحول العالمي نحو الهيدروجين الأخضر، فيما تمتلك إيطاليا المرافئ والبنية اللازمة لتكون المنفذ الرئيسي لنقل هذه الطاقة إلى أوروبا. التعاون بين شركات عملاقة مثل «أرامكو» و«إيني» و«أكوا باور» و«سايبم» يمكن أن يجعل من المتوسط جسراً للطاقة النظيفة.
الاستثمار والصناعة
الاستثمار المتبادل يشكل ركيزة أخرى. إنشاء مناطق صناعية مشتركة، وصناديق تمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، من شأنه أن يفتح الباب أمام تكامل صناعي حقيقي، حيث تُنقل التكنولوجيا والخبرة الإيطالية إلى السعودية، في مقابل توفير بيئة استثمارية واعدة للشركات الإيطالية.

الثقافة والسياحة والتعليم
ولا يتوقف التعاون عند حدود الاقتصاد والطاقة، بل يمتد إلى السياحة والثقافة والتعليم. فإطلاق رحلات مباشرة، وتنظيم مهرجانات ثقافية مشتركة، إلى جانب برامج تبادل طلابي وأكاديمي، سيساهم في تعزيز التواصل الشعبي وبناء جسور الثقة بين المجتمعين.
آفاق المستقبل
الخارطة واضحة: مشاريع تجريبية سريعة خلال عام واحد تشمل ميناءً لاستقبال الهيدروجين، محطة للطاقة الشمسية، ومنطقة صناعية صغيرة. وعلى المدى المتوسط والبعيد، يمكن تحويل هذه الخطوات إلى منظومة تعاون متكاملة تجعل من الشراكة الإيطالية–السعودية نموذجاً إقليمياً للتعاون البنّاء.في ظل التحديات الجيوسياسية والتحولات الاقتصادية العالمية، تبدو هذه العلاقة مرشحة لأن تصبح واحدة من أهم ركائز الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط وأوروبا، خصوصاً إذا ما رافقتها معايير شفافية وحوكمة تضمن استدامتها.إنها لحظة تاريخية تعكس إرادة سياسية قوية وفرصة نادرة لتأسيس تعاون متعدد الأبعاد، يضع إيطاليا والسعودية في موقع متقدم على خريطة العالم الجديد







Commenti