رومانيا درّة أوروبا الشرقية
- 29 ago
- Tempo di lettura: 2 min

*طلال خريس
ليست رومانيا مجرّد بلدٍ على خارطة البلقان، بل هي فسيفساء حيّة من التاريخ والجغرافيا والروح الإنسانية، جعلت منها بحق دُرّة أوروبا الشرقية. فمنذ أن وطأتها أقدام الرومان قبل ألفي عام، وهي توازن بين الشرق والغرب، بين عبق اللاتينية وصلابة السلاف، وبين دفء الريف الأوروبي وأناقة المدن الحديثة.

مملكة الطبيعة الخلّابة
يكفي أن يرفع المرء عينيه نحو جبال الكاربات حتى يلمس سرّ السحر الروماني: غابات كثيفة تحضن الدببة والذئاب، أنهار جليدية تُغذّي السهول، وقرى معلّقة بين التلال كأنها تسبح خارج الزمن. وفي الجنوب، ينساب نهر الدانوب العظيم، ليصنع دلتا من أجمل محميات العالم، حيث الطيور المهاجرة تجعل من السماء مهرجانًا حيًّا للألوان. وعلى السواحل الشرقية، يفتح البحر الأسود ذراعيه لرومانيا، شاطئًا ونافذةً على التجارة والحضارة والانفتاح.

درب التاريخ والأساطير
التاريخ هنا ليس مجرد حكاية تُروى، بل هو حضور يخيّم على القلاع والحصون والقرى القديمة. في قلعة بران، تتردّد أسطورة “فلاد تيبيش” أو دراكولا، لتصبح رمزًا لصراع الإنسان بين الخوف والأسطورة. وفي الأديرة الملوّنة في بوكوفينا، تنطق الجدران بلوحات أيقونية تحاكي الروح، وتكشف عن هوية رومانيا المسيحية العميقة.
رومانيا كانت وما زالت نقطة تماسٍ بين قوى كبرى: من الإمبراطورية العثمانية إلى النمسا-المجر وروسيا القيصرية. لكنّها في كل مرة أثبتت قدرتها على النجاة والحفاظ على خصوصيتها القومية وهويتها اللاتينية النادرة في محيطها

رومانيا الحديثة: بين الطموح والهوية
اليوم، تقف رومانيا كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، تحمل على عاتقها طموحات اقتصادية وسياسية كبيرة. بخطوات متسارعة، تحوّلت مدن مثل بوخارست وكلوج نابوكا إلى مراكز تكنولوجية واقتصادية، فيما ظل الريف الروماني يحفظ نكهة الماضي، ويعيد للزائر بساطة الحياة الأوروبية قبل قرون.هذا المزج بين الحداثة والأصالة يمنح رومانيا تفردًا يجعلها أكثر من مجرد وجهة سياحية؛ إنها تجربة إنسانية شاملة، حيث يمكن للمرء أن يعيش في يومٍ واحد بين أساطير القرون الوسطى وأنوار أوروبا الحديثة.

درّة تستحق الاكتشاف
أن تقول “رومانيا” يعني أن تستحضر قصة أمة نجت من حروب واحتلالات وتغيرات سياسية، لتظل متألقة بجمالها الطبيعي وروحها القومية العريقة. هي لؤلؤة لم تُصقل بعد بما يكفي، لكنها في الوقت ذاته تحمل بريقًا خاصًا يجعلها مختلفة عن كل ما حولها.ولذلك، تبقى رومانيا بحق دُرّة أوروبا الشرقية: بلد يخبئ في طياته سرّ الشرق وبهاء الغرب، وينتظر من يكتشفه بعينٍ ترى أبعد من الأسطورة







Commenti