زياد الرحباني… صمت البيانو الأخير
- 26 lug
- Tempo di lettura: 1 min
Aggiornamento: 27 lug

بقلم: وائل المولى – كاتب وصحفي
اليوم، أُسدِل الستار على فصلٍ من أجمل فصول لبنان. رحل زياد الرحباني، وغاب معه ذاك الصوت المختلف الذي لم يشبه أحدًا، ولم يرضَ يومًا أن يكون نسخة عن أحد. زياد الذي جاء من بيت فيروز وعاصي، من رحم اللحن العذب واللغة النقية، لكنه اختار أن يكتب حكاية أخرى، أكثر وجعًا، أكثر صدقًا، وأكثر جرأة.
ابن السابعة عشرة الذي لحّن “سألوني الناس” لم يكن مجرد فتى موهوب. كان يكتب قدره منذ تلك اللحظة، قدر المتمرّد الذي لا يكتفي بأن يكون ابنًا لأسطورة، بل يخلق أسطورته الخاصة. على خشبات مسرحه، قال ما لم يجرؤ كثيرون على قوله. ضحكنا معه في “بالنسبة لبكرا شو؟” ونحن نبكي في أعماقنا، تأملنا وجوهنا في مرآة “فيلم أميركي طويل”، ورأينا كيف ابتلعنا العبث ونحن نصفّق له على الخيبة.

زياد لم يكن فنانًا فقط؛ كان فكرة تمشي على الأرض. يساريّ حتى النخاع، شيوعيّ الهوى، مقاومٌ بالكلمة والنغمة، عاش بلا أقنعة، ومات بلا تنازلات. لم يطلب التصفيق، ولم يسعَ إلى السلطة، لكنه امتلك سلطانًا من نوع آخر: سلطان الحرف واللحن والسخرية التي كانت أصدق من أي خطبة.
برحيل زياد، نخسر أكثر من موسيقار. نخسر ذاكرة جريئة، وصوتًا لا يشبه الضجيج، وبيانو كان يفضحنا كلما عزف. اليوم، صمت البيانو، وصار الصمت أعلى من كل موسيقى. أيها الراحل الجميل، كيف سنحتمل هذا الفراغ؟ وكيف سيُعزف لبنان بلا أصابعك؟
سلامٌ عليك يا زياد… كنت أكبر من اللحن، وأصدق من السياسة، وأعمق من كل هذا الخراب. رحلت، لكنك تركت لنا موسيقى لن تموت، وضحكة ساخرة ستظل تذكّرنا بأننا كنّا يومًا نحلم .







Commenti