سوريا بين واشنطن وبكين… دمشق الجديدة على طريق المتوسط
- 13 ore fa
- Tempo di lettura: 2 min

✍🏻 وائل المولى – كاتب وصحافي
تدخل سوريا مرحلة إعادة تعريف دورها الإقليمي والدولي، في ظل تغيّر موازين القوى وتزايد التنافس الدولي على الشرق الأوسط. وبعد الإعلان عن التحالف الاستراتيجي مع واشنطن والانفتاح الدولي الواسع على الحكومة الانتقالية، تتحرك دمشق اليوم لبناء شبكة علاقات متوازنة لا تربطها بمحور واحد، بل تجعلها لاعبًا قادرًا على توظيف التنافس الدولي. وفي قلب هذه الديناميكية، تظهر الصين كأحد أعمدة «سوريا الجديدة» سياسيًا واقتصاديًا.ورغم حضورها السابق في مرحلة النظام السابق، لم تكن بكين صاحبة تأثير مباشر، بل مرت عبر البوابة الروسية أو التنسيق غير العميق مع الإيرانيين. أما اليوم، ومع اعتراف دولي بالحكومة الانتقالية، باتت الصين قادرة على التعامل مع دمشق مباشرة وبمساحات مناورة أوسع. كما كانت بكين ملتزمة بالعقوبات التي قيدت استثماراتها، لكن تخفيف العقوبات ورفعها عن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب فتح أمامها بابًا جديدًا لاستعادة دور اقتصادي وسياسي من دون الاصطدام بالغرب.ولا تتعامل دمشق مع الصين باعتبارها بديلًا عن النفوذ الأميركي، بل كركن موازن يمنحها حرية الحركة. فالصين التي تدفع بمبادرة «الحزام والطريق» نحو المتوسط ترى في سوريا أقصر الطرق وأكثرها كفاءة للوصول إلى أوروبا مقارنة بالمسارات عبر تركيا أو سيناء، شرط تثبيت الاستقرار. هذا المسار قادر على اختصار زمن العبور إلى أقل من يومين، وهو ما ينسجم مع اقتصاد صيني يسابق الزمن في ظل تباطؤ عالمي.لكن بكين تتحرك بحذر مدروس، وتفضّل العمل عبر مقاربة تراكمية: مشاريع صغيرة قابلة للتوسّع، تمويلات محدودة، وحضور دبلوماسي مرن، مع مراقبة دقيقة للوجود الأميركي والمصالح الدولية. هذا الحذر يعكس واقعية صينية تهدف لتثبيت النفوذ من دون تحمل أثمان سياسية أو أمنية كبيرة.وتراهن دمشق على الصين ليس فقط كشريك اقتصادي، بل كقوة سياسية قادرة على لعب أدوار توازن في ملفات معقدة مثل الإسرائيلي والإيراني، بفضل علاقاتها الواسعة مع تركيا وتل أبيب وقدرتها على التأثير في التفاعلات الإقليمية. كما تمتلك بكين أوراق ضغط تمكّنها من المشاركة في تهدئة التوتر التركي–الإسرائيلي الذي يؤثر مباشرة على الساحة السورية.ويبقى ملف «الحزب الإسلامي التركستاني» أكثر الملفات حساسية للصين، إذ ترى فيه تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، ما يفتح الباب أمام تعاون أمني مع دمشق قد يشكل نقطة تحول في العلاقات.وتأتي زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى بكين كرسالة بأن دمشق تتحرك من موقع الشريك لا التابع: واشنطن تمنحها غطاءً سياسيًا، بينما تمنحها الصين قوة اقتصادية وقدرة على اختراق ساحات لا يمكن للغرب الوصول إليها.وهكذا يقف الطرفان أمام فرصة نادرة: الصين تبحث عن ممر آمن إلى المتوسط، وسوريا تبحث عن شريك موثوق يعزز الإعمار والتسوية. ومع نضج المسار السياسي، قد يتحول هذا التقارب إلى ركيزة من ركائز الجغرافيا السياسية الجديدة في المنطقة.







Commenti