إيطاليا بين الطموح والواجب: كيف تصبح روما مرجعاً في الملف السوري؟
- Marwa Elkhayal
- 3 ore fa
- Tempo di lettura: 2 min

✍️ وائل المولى
كاتب وصحافي
في كلمته خلال الدورة السادسة والأربعين لاجتماع ريميني، أكد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني ثبات استراتيجية بلاده تجاه سوريا، من خلال دعم استقرارها ووحدتها الإقليمية، والتشديد على احترام حقوق الإنسان، والثقة بالإدارة السورية الجديدة. كما أعلن عن عزم روما إرسال المزيد من المساعدات الإنسانية، معبّراً عن رغبة إيطاليا في أن تكون “مرجعاً” لسوريا حتى داخل مجموعة السبع، وإرسال رسالة إيجابية في المعركة ضد التطرف.
لكن السؤال الجوهري يبقى:
هل تستطيع روما أن تتحول من لاعب ثانوي إلى مرجع حقيقي في الملف السوري، أم ستبقى تصريحاتها أسيرة الخطاب الدبلوماسي؟
سوريا بين الاستقرار والفوضى
منذ اندلاع الأزمة السورية، وقفت أوروبا عاجزة أمام تداعياتها: موجات لجوء غير مسبوقة، تصاعد الإرهاب العابر للحدود، وانعكاسات جيوسياسية طالت المتوسط وجواره. غير أن إيطاليا تحديداً كانت الأكثر تأثراً لاعتبارها بوابة جنوب أوروبا، وهو ما يجعلها معنية عضوياً بالحل في سوريا لا باعتبارها أزمة بعيدة، بل قضية أمن قومي مباشر.
ما الذي يميز الدور الإيطالي؟
إيطاليا ليست قوة عظمى عسكرية، لكنها دولة قوية وفاعلة وتمتلك أربع أوراق تسمح لها بأن تكون لاعباً مؤثراً:
1. الموقع الجغرافي: كونها أقرب دولة أوروبية كبرى إلى المتوسط الشرقي.
2. الإرث التاريخي والثقافي: علاقاتها القديمة مع المشرق، من لبنان وسوريا إلى شمال إفريقيا.
3. الدبلوماسية المتوازنة: لم تتورط عسكرياً كغيرها، ما يمنحها قدرة على لعب دور الوسيط.
4. الروابط الاقتصادية والإنسانية: استثمارات محتملة، وخبرة واسعة في ملف اللاجئين والهجرة.
من المساعدات إلى المرجعية: ما المطلوب؟
لكي تتحول إيطاليا فعلاً إلى “مرجع” في الملف السوري، لا يكفي الاكتفاء بالمساعدات الإنسانية أو التصريحات الإيجابية. بل يجب بناء استراتيجية متعددة الأبعاد:
1. الدعم السياسي والدبلوماسي
• طرح مبادرة أوروبية – متوسطية خاصة بسوريا.
• لعب دور الوسيط بين الإدارة السورية الجديدة والاتحاد الأوروبي.
• المساهمة بأفكار تتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع مراعاة ملف الأقليات وحقوق الإنسان.
2. التنمية وإعادة الإعمار
• إطلاق صندوق إيطالي – أوروبي لإعادة إعمار البنى التحتية.
• تشجيع شركات الطاقة والبناء الإيطالية على الاستثمار المدروس في سوريا.
3. المبادرات الإنسانية المتقدمة
• تحويل إيطاليا إلى المركز الأوروبي لمعالجة ملف اللاجئين السوريين.
• دعم برامج تعليمية وثقافية تستهدف الشباب للحد من استقطابهم من الجماعات المتطرفة.
4. الأمن ومكافحة التطرف
• تعزيز التعاون الأمني مع سوريا ودول الجوار (لبنان، الأردن، العراق).
• دعم مبادرات فكرية ودينية معتدلة داخل سوريا.
نحو مرجعية داخل مجموعة السبع
حين قال تاياني: “نريد أن نكون مرجعاً لسوريا حتى داخل مجموعة السبع”، كان يشير ضمناً إلى طموح إيطاليا في قيادة الموقف الأوروبي من الملف السوري. وهذا يتطلب:
• كسر حالة الجمود الأوروبي عبر طرح “مبادرة روما” كإطار للحل.
• الموازنة بين الرؤية الأميركية والاعتبارات الروسية – الإسرائيلية – التركية.العربية بشكل اساسي
• تفعيل الدبلوماسية البرلمانية والمنظمات الإنسانية والدينية لتأطير مقاربة أخلاقية وإنسانية.
إن رغبة إيطاليا في أن تكون مرجعاً لسوريا ليست مجرد شعار دبلوماسي، بل فرصة استراتيجية لإعادة تموضعها في المتوسط واستعادة حضورها الدولي. غير أن هذه المرجعية لن تُبنى على النوايا وحدها، بل على مشروع متكامل يجمع السياسة بالاقتصاد، الأمن بالثقافة، والمساعدات بالتنمية.وبهذا فقط، يمكن لإيطاليا أن تنتقل من “مراقب قلق” إلى فاعل أساسي يسهم في صناعة مستقبل سوريا، ويحمي في الوقت نفسه استقرار المتوسط وأمن أوروبا
Commenti