بين إيطاليا وموريتانيا: شراكة هادئة ومستقبل واعد

✍️: وائل المولى ـ كاتب وصحافي

على الرغم من قلّة الضجيج الإعلامي المحيط بها، تُعتبر العلاقات بين إيطاليا وموريتانيا نموذجًا للاستقرار في منطقة تشهد تحولات سريعة. فالتعاون بين روما ونواكشوط يتطور بهدوء، مرتكزًا على مصالح مشتركة ورغبة صادقة في بناء شراكة عملية تتجاوز حدود التصريحات الدبلوماسية التقليدية.

موريتانيا: البوابة الإيطالية إلى الساحل الإفريقي

تدرك إيطاليا الأهمية الاستراتيجية لموريتانيا في منطقة الساحل، خاصة بعد إثباتها قدرتها على الحفاظ على استقرار داخلي في محيط مضطرب ومعقد. هذا الاستقرار جعل موريتانيا شريكًا مفضّلًا لروما في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب وحماية الحدود. ومع تصاعد دور الساحل في الحسابات الأوروبية، تحتل موريتانيا اليوم موقعًا استراتيجيًا في رؤية إيطاليا لتعزيز أمن المتوسط.

اقتصاد متجدد يجذب الاستثمارات الأوروبية

شهدت السنوات الأخيرة تنامي اهتمام الشركات الإيطالية بالاستثمار في موريتانيا، خصوصًا في قطاعات الغاز والصيد البحري والمشاريع الكبرى والطاقة المتجددة. مشاريع الغاز تجعل موريتانيا نقطة جذب للقطاع الخاص الأوروبي، مع دور محوري للوكالات الإيطالية في تمويل برامج الحوكمة، الزراعة، وتمكين الشباب، باعتبارها عناصر أساسية لمستقبل اقتصادي واعد.

ثقافة وحوار إنساني يرسخ الشراكة

بعيدًا عن السياسة والاقتصاد، تلعب الدبلوماسية الثقافية دورًا مهمًا في تعزيز العلاقة بين الشعبين، من خلال التبادل الثقافي والبعثات الطلابية والمناسبات الفنية المشتركة، وهو ما يثبت أن الحوار الإنساني قادر على فتح أبواب التعاون حيث قد تعجز السياسة عن ذلك أحيانًا.

الهجرة والتنمية: رؤية مشتركة

في ملف الهجرة، تتبنى إيطاليا وموريتانيا نهجًا يركز على خلق فرص اقتصادية وتنموية للشباب، بدلًا من الاعتماد على الحلول الأمنية وحدها، باعتبار ذلك السبيل الأكثر فاعلية للحد من الهجرة غير النظامية.

آفاق جديدة: الطاقة النظيفة والتحول الرقمي

العلاقات الثنائية تستعد لفتح ملفات جديدة تشمل الطاقة النظيفة، الأمن الغذائي، الاقتصاد الأزرق، والتحول الرقمي، مع دور فاعل للجالية العربية والجمعيات الصديقة في تعزيز التفاهم وبناء جسور دائمة بين البلدين.

خلاصة

العلاقة بين إيطاليا وموريتانيا ليست مجرد تبادل مصالح، بل مشروع شراكة هادئ وعملي. استقرار الساحل يعزز أمن المتوسط، والتنمية في نواكشوط تنعكس إيجابًا على روما، والحوار بين الضفتين قادر على إنتاج معادلة تعاون جديدة تصب في مصلحة الجميع.