جسر الحضارة بين إيطاليا والإمارات: حوار الثقافات وتكامل الرؤى
- Marwa Elkhayal
- 10 ore fa
- Tempo di lettura: 2 min

✍️ بقلم: وائل المولى
* كاتب وصحفي
في قلب الحراك الثقافي والاقتصادي المتسارع الذي يشهده العالم، تبرز العلاقات بين إيطاليا ودولة الإمارات العربية المتحدة كنموذجٍ متقدمٍ في بناء جسر حضاري يربط بين ضفتي المتوسط والخليج، ليس فقط عبر التبادل التجاري والسياسي، بل من خلال الحوار الثقافي والفني والمعرفي الذي يعكس عمق الاحترام المتبادل وثراء التراث لدى البلدين.
🔸التقاء الإرث القديم مع الطموح الحديث
تمتلك إيطاليا إرثًا حضاريًا ضخمًا يعود إلى آلاف السنين، من روما القديمة إلى عصر النهضة، وقد نجحت في الحفاظ على هذا التراث كركيزة لهويتها الثقافية. بالمقابل، تشكل الإمارات نموذجًا فريدًا لبلد عربي حديث استطاع خلال عقود قليلة أن يؤسس هوية ثقافية منفتحة، تجمع بين الأصالة والانفتاح على العالم.التقاء هذين النموذجين – أحدهما ذو جذور تاريخية عميقة والآخر ذو رؤية استشرافية نحو المستقبل – يشكل أساسًا مثاليًا لجسر حضاري فريد بين أوروبا والعالم العربي.
🔸الفنون والمعمار: من البندقية إلى أبوظبي
يتجلى هذا الجسر الحضاري في مشاريع مشتركة ذات بُعد ثقافي عالمي، أبرزها متحف اللوفر – أبوظبي، الذي ساهمت فيه الخبرات الإيطالية والفرنسية، واحتضن أعمالًا فنية أوروبية وعربية تعكس روح الإنسانية الجامعة.كما شاركت الإمارات في بينالي البندقية للفنون والعمارة بشكل منتظم، مظهرة اهتمامها العميق بالفن المعاصر، وإصرارها على أن تكون لاعبًا ثقافيًا دوليًا. بينما استقبلت أبوظبي ودبي معارض إيطالية مرموقة، احتفت بالفن الإيطالي القديم والحديث.
🔸التعليم والتبادل المعرفي: استثمار في الإنسان
في مجال التعليم، عززت الجامعات الإيطالية تعاونها مع نظيراتها الإماراتية، من خلال برامج تبادل أكاديمي واتفاقيات بحثية في مجالات متعددة، تشمل الآثار، الهندسة المعمارية، الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي.هذا التبادل لا يقتصر على النخب الأكاديمية، بل يشمل أيضًا مبادرات تعليم اللغة والثقافة، حيث يزداد الإقبال على تعلم الإيطالية في الإمارات، كما تحرص المراكز الثقافية الإيطالية على تنظيم فعاليات فنية وسينمائية لتعريف الجمهور الإماراتي بالثقافة الإيطالية.
🔸اقتصاد الثقافة والدبلوماسية الناعمة
تستثمر الإمارات وإيطاليا بقوة في الدبلوماسية الثقافية كوسيلة لتعزيز الاستقرار والتفاهم المتبادل. ومع أن العلاقات التجارية مزدهرة، إلا أن القوة الناعمة القائمة على الثقافة والفن والتعليم أصبحت أداة استراتيجية لبناء روابط طويلة الأمد.وقد نجحت الإمارات في أن تكون حاضنةً للحوارات العابرة للثقافات والأديان، وهو ما يتقاطع مع الدور الإيطالي التاريخي في تعزيز التعددية والانفتاح، خاصة عبر حوارات الفاتيكان والمجتمع المدني الإيطالي.
🔸ختامًا: نحو شراكة ثقافية متجددة
إن جسر الحضارة بين إيطاليا والإمارات ليس مجرد مسار من التبادل الثقافي، بل هو نموذج للتعايش والتعاون في عالم تتداخل فيه الهويات وتتعدد فيه التحديات. وبينما تحمل إيطاليا تراثًا من الحكمة الإنسانية، تمثل الإمارات طاقة الطموح والتجديد.وفي زمن الانقسامات، يظل هذا الجسر الثقافي دعوة إلى الوحدة من خلال التنوع، والحوار بدلًا من الصدام، والمعرفة بدلًا من الجهل
Comentarios