مخيمات لبنان : تسليم أسلحة للجيش اللبناني. بين السيادة اللبنانية والهواجس الفلسطينية
- Marwa Elkhayal
- 5 ore fa
- Tempo di lettura: 3 min

بقلم: عصام الحلبي
بيروت – الصداقة - مخيم برج البراجنة
في خطوة وُصفت بأنها بداية مسار جديد في ملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، جرى مساء اليوم ،الخميس في مخيم برج البراجنة بالعاصمة بيروت، تسليم شاحنة صغيرة محمّلة بأسلحة متوسطة وثقيلة إلى الجيش اللبناني، بإشراف قوات الأمن الوطني الفلسطيني وقيادتها.
الموقف الفلسطيني: سلاح غير شرعي
قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، أوضح أن الأسلحة التي جرى تسليمها لا تعود للفصائل الفلسطينية، بل دخلت إلى المخيم مؤخرًا. وقال:
"هذا السلاح دخل إلى المخيم قبل 48 ساعة فقط، وتمت مصادرته من قِبل الأمن الوطني والقوة الأمنية الفلسطينية".
وأكد أبو عرب أن ما تم تسليمه هو "سلاح غير شرعي"، لا يمت بصلة إلى سلاح الفصائل الفلسطينية الشرعية في لبنان، مشددًا على أن الفصائل ملتزمة بعدم إدخال سلاح جديد إلى المخيمات، وأن الخطوة جاءت تجاوبًا مع طلب الجهات الأمنية اللبنانية.

الموقف اللبناني: سيادة الدولة وحصرية السلاح
من جانبه، أعلن رئيس لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني، السفير رامز دمشقية، أن عملية التسليم تأتي تنفيذًا لمقررات القمة اللبنانية–الفلسطينية في 21 أيار 2025 التي جمعت الرئيسين جوزاف عون ومحمود عباس، وما تلاها من اجتماع اللجنة المشتركة برئاسة رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام في 23 أيار.
وأوضح أن الهدف من هذه الخطوة هو بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وتطبيق مبدأ حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، عبر آلية تنفيذية وجدول زمني واضح يشمل مخيم برج البراجنة بدايةً، ليمتد لاحقًا إلى باقي المخيمات.
تفاصيل العملية
عملية التسليم جرت بإشراف مباشر من اللجنة العسكرية للأمن الوطني الفلسطيني، وشملت أسلحة مصنفة ضمن الثقيلة والمتوسطة. وقد نُقلت الشاحنة إلى عهدة الجيش اللبناني وسط تنسيق لبناني–فلسطيني متواصل، بما يعكس محاولة جدية لإرساء الثقة بين الجانبين.
خلفية تاريخية: السلاح الفلسطيني بين التوافقات والهواجس اللبنانية
اتفاق القاهرة (1969): شرعن وجود السلاح الفلسطيني داخل المخيمات مقابل ضبطه وعدم المس بالسيادة اللبنانية.
الاجتياح الإسرائيلي (1982): غيّر موازين القوى بعد خروج منظمة التحرير من بيروت، لكن السلاح بقي ضمن إدارة "الأمن الذاتي" للمخيمات.
اتفاق الطائف (1989): نص على حل الميليشيات اللبنانية وتسليم أسلحتها، لكنه أبقى السلاح الفلسطيني داخل المخيمات خارج النقاش المباشر.
أحداث نهر البارد (2007): شكّلت محطة مفصلية بعد معركة الجيش اللبناني مع "فتح الإسلام"، وأكدت ضرورة ضبط السلاح ومنع أي وجود مسلح خارج سلطة الفصائل الرسمية.
الحوارات اللبنانية–الفلسطينية (2005–2025): كرّست دور لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني كمنصة دائمة لبحث الملفات العالقة، وعلى رأسها ملف السلاح الذي ظل عالقًا بين رؤية لبنانية تعتبره تهديدًا للسيادة، ورؤية فلسطينية تعتبره ضمانة لأمن المخيمات.

الحقوق الفلسطينية... السلاح ليس بديلاً عن الحقوق
رغم خصوصية ملف السلاح، إلا أن الفصائل الفلسطينية لطالما أكدت أن المفتاح الحقيقي لاستقرار المخيمات ليس أمنيًا فقط، بل إنساني–مدني بالدرجة الأولى. فالفلسطينيون في لبنان ما زالوا يطالبون منذ عقود بـ:
الحق في العمل، إذ ما زالت قطاعات مهنية عديدة محظورة أمام الفلسطيني بحجة أنه "أجنبي".
الحق في التملك ،حيث تحرم القوانين اللبنانية اللاجئ الفلسطيني من حق شراء منزل للسكن أو تسجيله باسمه.
الحقوق الإنسانية الأساسية... من التعليم والرعاية الصحية والضمانات الاجتماعية.
هذه المطالب تترافق مع تأكيد فلسطيني راسخ على رفض التوطين والتمسك بحق العودة، ما يعني أن أي إصلاحات مدنية وحقوقية لا تمس بجوهر الهوية الفلسطينية ولا بارتباط اللاجئ بأرضه الأصلية في فلسطين.
مشهد ما جرى اليوم
عملية تسليم الأسلحة في برج البراجنة عام 2025 هي أول ترجمة عملية لمقررات قمة لبنانية–فلسطينية بجدول زمني واضح. الجديد أن الفلسطينيين قدّموا إشارة تعاون أمني من خلال تسليم أسلحة "طارئة وغير شرعية"، مقابل رسائل سياسية غير معلنة بأن معالجة الملف الأمني يجب أن تسير بالتوازي مع إنصاف اللاجئين بحقوقهم المدنية والإنسانية.
في المحصلة، إن ما يجري اليوم ليس مجرد تسليم شاحنة أسلحة، بل هو جزء من معادلة معقدة:
لبنان يسعى لتكريس سيادته وحصرية السلاح.الفلسطينيون يريدون طمأنة الدولة اللبنانية بأنهم لا يشكلون تهديدًا، لكنهم في المقابل يطالبون بالكرامة والحقوق.وبين السيادة والحقوق، يبقى التحدي الأساسي، كيف تُدار المخيمات الفلسطينية في لبنان بما يحفظ أمنها، ويضمن في الوقت نفسه حق أهلها في حياة إنسانية كريمة، بعيدًا عن فزاعة التوطين ودون التفريط بحق العودة.
Kommentare