top of page

نتنياهو واستباحة المنطقة: ضربة الدوحة بين التصعيد والانفلات

  • 10 set
  • Tempo di lettura: 2 min
ree

✍️ وائل المولى – كاتب وصحافي*

‏في التاسع من أيلول 2025، استيقظت المنطقة على حدث غير مسبوق غارة إسرائيلية على قلب الدوحة، استهدفت قيادات بارزة من حركة حماس كانت منخرطة في محادثات لوقف إطلاق النار في غزة. لم يكن الحدث مجرد عملية عسكرية محدودة، بل إعلانًا سياسيًا مدوّيًا بأن حكومة نتنياهو قررت تجاوز كل الخطوط الحمراء، واستباحة سيادة الدول، حتى تلك التي لعبت دور الوسيط التاريخي بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.

‏العملية التي سُمّيت إسرائيليًا "قمة النار" طالت خالد مشعل وخليل الحيّة، وأسفرت عن مقتل نجلي الحيّة وعدد من مرافقيه. وفي حين نجا المستهدفون المباشرون، فقد بدا أن الرسالة أوضح من النتائج: إسرائيل لن تتردد في ضرب خصومها، ولو داخل عاصمة حليفة لواشنطن وتتمتع بثقل سياسي ودبلوماسي بحجم قطر.

رسائل القوة والانفلات

‏هذه الضربة لم تكن موجهة فقط لحماس، بل للمنظومة الإقليمية كلها. فهي إعلان صريح أن نتنياهو يرى نفسه فوق أي التزام دولي، وأنه مستعد لإحراج شركائه في الغرب، وتوريط واشنطن في أزمة مع الخليج، وإشعال صراع دبلوماسي مع الأمم المتحدة التي سارعت للتنديد بالهجوم. بهذا المعنى، لم تعد إسرائيل تقاتل "تنظيمًا مسلحًا"، بل تخوض معركة مع القانون الدولي ومع أي دولة قد تتجرأ على لعب دور مستقل في المنطقة.

قطر: من وسيط إلى مستهدف

‏لطالما كانت قطر أحد أبرز اللاعبين في مسار التهدئة، ونجحت في أحيان كثيرة بتثبيت وقف إطلاق النار أو تسهيل تبادل الأسرى. لكن أن تتحول من "جسر للحوار" إلى "أرض قصف"، فهذا انقلاب استراتيجي في قواعد اللعبة. فقد جرّد نتنياهو الوسيط من حصانته، وفتح الباب أمام مشهد فوضوي إذا كانت الدوحة غير محصّنة، فما الذي يمنع غدًا استهداف بيروت أو أنقرة أو حتى القاهرة؟

من الدوحة إلى الإقليم: مشهد الاستباحة الشامل

‏إذا كان استهداف الدوحة يمثّل سابقة، فإنه لا يمكن عزله عن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي كرّستها إسرائيل في السنوات الأخيرة. فقد اعتادت تل أبيب على استباحة لبنان عبر قصف متكرر للبنان وضرب مخيمات فلسطينية، فيما حوّلت سماء سوريا إلى مسرح مفتوح لطائراتها وصواريخها. فصلاَ عن ضرب أهداف تركية في سوريا

‏أما إيران، فقد واجهت اغتيالات لعلمائها وهجمات على منشآتها النووية، بينما لم تسلم اليمن من الاستهداف المباشر وغير المباشر عبر ضربات طالت شخصيات رسمية (رئيس حكومة اليمن وبعض الوزراء )و مرافئ ومطارات ومناطق مرتبطة بأنصار الله. بهذا المعنى، لا تبدو ضربة الدوحة حادثًا منفردًا، بل حلقة في سلسلة مشروع إسرائيلي أوسع يقوم على فرض الهيمنة بالقوة العسكرية، واستباحة كل ساحات المنطقة بلا رادع.

‏ غارة الدوحة لم تقتل فقط أبناء الحيّة، بل أصابت فكرة الأمن الإقليمي في عمقها. فبينما كانت الأنظار معلّقة على مساعي وقف إطلاق النار في غزة، فتح نتنياهو بوابةً نحو فوضى جديدة. إنها ليست مجرد ضربة عسكرية، بل استباحة سياسية وأمنية وأخلاقية للمنطقة بأكملها، في لحظة فارقة قد تحدد مستقبل الصراع لسنوات قادمة.

*ممثل جمعية الصداقة الإيطالية العربية في دمشق

Commenti


bottom of page